للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذه لبراءة صارمة من المشركين وشركهم ومعبوداتهم من دون الله، وصورتها: الكفر بذلك كله أي بالمشركين وبالشرك الواقع منهم وبالمعبودات التي أشركوها مع الله، وتمكن العداوة الظاهرة بالهجران والمجاهدة والبغضاء الباطنة بسخط القلوب وبغضها، وهذه البراءة دائمة في الحياة ما دام حال المشركين على الشرك حتى يرجعوا إلى التوحيد.

وقد ضرب الله لعباده أمثلة ناصعة لتوثيق الصلة بالله بتوحيده وبالبراءة من الخارجين عن التوحيد، فهذا نوح عليه السلام يقول الله له في ابنه الذي هو ابنه من صلبه: {لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (١) نفي أن يكون من أهل دينه واعتقاده لأن قرابة التوحيد أقوى من قرابة النسب، وعلل هذا النفي بأنه عمل عملا غير صالح وهو الكفر والتكذيب (٢) قال ابن عباس رضي الله عنهما: " لو كان من أهلك لنجيته لك كما أنجيتك ولكنه عمل غير صالح " (٣) وفسر رضي الله عنه {عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} (٤) بقوله: " خالفه في العمل والنية " (٥)

فأهل التوحيد هم أهل الموحد، وأهل الشرك ليسوا أهلا له وإن كانوا


(١) سورة هود الآية ٤٦
(٢) انظر تفسير القرطبي ٩/ ٤٦.
(٣) تفسير أبي حاتم ٦/ ٢٠٣٩ رقم ١٠٩٢٥ و ١٠٩٢٧.
(٤) سورة هود الآية ٤٦
(٥) تفسير أبي حاتم ٦/ ٢٠٣٩ رقم ١٠٩٢٥ و ١٠٩٢٧.