للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كثيرة، فقد أرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم الكتب وخلقهم في أحسن تقويم وأعطاهم الأعضاء المختلفة الوظائف من أبصار وأسماع، وكل ذلك إنعاما محضا من غير أن يسبق من العبد ما يوجب استحقاقه شيئا من نعم الله. ومقابل ذلك يجب عليهم الاستقامة على طريق الإسلام، والقيام بأوامر الله واجتناب نواهيه وهذا هو الشكر. ليكون عمل كل عضو شكرا لم أنعم عليه في ذلك، ومنها نعمة المفاصل اللينة والجوارح المنقادة التي بها يقدر على استعمالها في الأحوال المختلفة من القيام والقعود والركوع والسجود، والصلاة تشتمل على هذه الأحوال، فأمرنا باستعمال هذه النعم الخاصة في هذه الأحوال، في خدمة المنعم شكرا لهذه النعمة، وشكر النعمة فرض عقلا وشرعا، ومنها أن الصلاة وكل عبادة خدمة للرب – جل جلاله – وخدمة المولى على العبد لا تكون إلا فرضا، والعزيمة هي شغل جميع الأوقات بالعبادات بقدر الإمكان (١)؛ لأن العبد في أوقات ليله ونهاره لا يخلو من ذنب أو خطأ أو زلة تقصير في العبادة وقد سبق إليه من الله – تعالى – من النعم والإحسان، ولو أراد أحد شكر ذلك كله لم يقدر على أداء شكر واحد منها فضلا عن أن يؤدي شكر الكل فيحتاج العبد إلى تكفير ذلك التقصير في الشكر إذ هو فرض عليه، لذا فرضت الصلوات الخمس تكفيرا لذلك (٢) وكذا فإن


(١) انظر: كتاب بدائع الصنائع الكاساني: ١/ ٩٠.
(٢) انظر: كتاب بدائع الصنائع الكاساني: ١/ ٩١.