للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما الضرب الثاني من الأحكام الشرعية فقد جاءت على شكل قواعد وأصول ومبادئ عامة فيها مجال لاجتهاد المجتهدين، وفي ذلك غاية التكريم للعقل الذي ميز الله به الإنسان ودعا إلى استخدامه في إطار العقيدة السليمة والقيم الإسلامية الأصيلة التي لا تتبدل ولا تتغير بتغير الزمان والمكان.

ولكي يكون الاجتهاد أصيلا، لا تعبث به الأهواء والغايات، فإنه ينبغي ألا يتعرض له ويمارسه إلا القادرون عليه، وهم أولئك الذين توفرت فيهم شروط الأهلية لمثل هذا العمل، وهي أحكام تتعلق بقضايا تختلف تطبيقاتها من وقت لآخر ومن جيل إلى جيل، ويحتاج البشر إلى التفكير في الوصول إلى ما يلائم حياتهم في كل زمان ومكان وهذه المبادئ العامة مثل:

أ - الشورى في الحكم: فقد قال تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (١) وقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِِ} (٢) وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في منزله في غزوة بدر وسؤاله لأصحابه وقول الحباب بن المنذر لما نزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ببدر: أهذا منزل أنزلك الله أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل هي المشورة والحرب والمكيدة، فأشار الحباب بن المنذر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمنزل، فرحل ونزل على رأي أصحابه في بدر وكذا الحال في أسرى بدر فإنه - صلى الله عليه وسلم - استشار أصحابه فيهم كما استشار أصحابه في كثير من أمور الحرب والسلم مثل غزوة الأحزاب وغيرها فكان مبدأ الشورى إسلاميا يلزم الأخذ به للنصوص الشرعية فيه وعمل الرسول - صلى الله عليه وسلم - به مع أصحابه ولكن الناس يجتهدون في الطريقة التي تتحقق بها طريقة الشورى وصيغتها وأساليبها وتنظيماتها.


(١) سورة الشورى الآية ٣٨
(٢) سورة آل عمران الآية ١٥٩