للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (١) وقال - صلى الله عليه وسلم «كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى (٢)»

د- منع الضرر: في جميع أشكاله وصوره عن الناس، وهذا الضرر يتصور وجوده في كل باب من أبواب المعاملات والتعامل بين الناس، وهي قاعدة عظيمة النفع وكبيرة الفائدة، فلا يجوز للإنسان أن يلحق الضرر بنفسه ولا بغيره، كما لا يجوز أن يقابل الضرر بفعل ما يضر بغيره، وقد جاء منع الضرر في أبواب متعددة من الدين؛ فجاء في باب الرضاعة كقوله تعالى: {لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَهُ} (٣) وجاء قوله تعالى بعد ذكر الأنصباء في المواريث {غَيْرَ مُضَارٍّ} (٤) وقال - صلى الله عليه وسلم - «لا ضرر ولا ضرار (٥)» وقد رتب الفقهاء على هذه القاعدة مسائل متعددة وأحكاما كثيرة.

وهذه الأحكام الأربعة الآنفة الذكر إن هي إلا أمثلة موجزة للأحكام الشرعية التي جاءت على شكل قواعد ومبادئ عامة، أوردناها للدلالة على نوع الأحكام العامة كما أوردنا مثلها من الأحكام الخاصة، ولا أعتقد أن منصفا يعرف الشريعة الإسلامية ومراميها وأحكامها ثم يبيح لنفسه أن يقول بعدم صلاحيتها لكل زمان ومكان، أو أن يصيخ لسماع أقوال المستشرقين الحاقدين الذين يريدون عزل هذا الدين عن الحياة وفصل هذه الأمة عن تاريخها وعقيدتها ومعقد عزها ومصدر أمنها وسعادتها.

وما آلت إلى ما آلت في الأجيال المتأخرة إلا بسبب تساهلهم في حمل أعباء هذه الرسالة وتقاعسهم عن القيام بالواجب تجاهها، ولذا فقد حل بها


(١) سورة الحجرات الآية ١٣
(٢) مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٤١١).
(٣) سورة البقرة الآية ٢٣٣
(٤) سورة النساء الآية ١٢
(٥) سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣٤٠)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٢٧).