السن تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله! قالت: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه فاستعذر من عبد الله بن أبي وهو على المنبر، فقال: يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي؟ والله ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما يدخل على أهلي إلا معي! قالت: فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل فقال: أنا يا رسول الله أعذرك؛ فإن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك! قالت: فقام رجل من الخزرج - وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه، وهو سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج. قالت: وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية - فقال لسعد: كذبت لعمر الله! لا تقتله ولا تقدر على قتله، ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل! فقام أسيد بن حضير - وهو ابن عم سعد - فقال لسعد بن عبادة: كذبت، لعمر الله لنقتلنه! فإنك منافق تجادل عن المنافقين. قالت: فثار الحيان - الأوس والخزرج - حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر.
قالت: فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا، وسكت. قالت: فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم! قالت: وأصبح أبواي عندي، وقد بكيت ليلتين ويوما لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي! فبينما أبواي جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها، فجلست تبكي معي! قالت: