للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغافلات المؤمنات (١)»

٢. يشترط لصحة القذف إقامة البينة؛ وهي أربعة شهداء كلهم يصف الزنا بحقيقته المعروفة، فإن لم يقدر القاذف على ذلك استحق حد القذف، واشتراط هذا العدد من الشهداء خاص بحد الزنا دون غيره؛ إذ لا يشترط هذا العدد في شيء آخر من الحدود أو الحقوق البدنية أو المالية.

٣. تحريم القذف بدون بينة ولو كان القاذف صادقا؛ لقوله عز وجل: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (٢)، فمن قذف وعجز عن إقامة البينة فهو في حكم الله كاذب ولو كان في نفس الأمر صادقا، ويلزمه لتمام توبته من القذف أن يكذب نفسه أمام الناس، لأن براءة عرض المقذوف لا تحصل إلا بذلك. فإن قيل: كيف يكذب نفسه وهو صادق؟ فالجواب أن يقال: إن الكذب نوعان؛ كذب سببه كون المخبر به مخالفا للواقع، وهو قسمان: عمد وخطأ؛ فالعمد ظاهر، والخطأ كقوله صلى الله عليه وسلم: «كذب أبو السنابل (٣)» حين أفتى بغير الصواب. والنوع الثاني: كذب سببه كون المخبر به لا يجوز الإخبار به وإن كان مطابقا للواقع، كخبر القاذف المنفرد برؤية الزنا فإنه كاذب عند الله تعالى. (٤)


(١) أخرجه البخاري ٣/ ١٠١٧ ح ٢٦١٥، ومسلم ١/ ٩٢ ح ٨٩.
(٢) سورة النور الآية ١٣
(٣) مسند أحمد (١/ ٤٤٧).
(٤) انظر: مدارج السالكين ١/ ٣٧١.