للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد ورد في الأحاديث عن ابن عباس، وعن علي، وعن ابن مسعود، وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يوم بدر نظر إلى المشركين وتكاثرهم وإلى المسلمين فاستقلهم، فركع ركعتين وقام أبو بكر عن يمينه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في صلاته: «اللهم لا تخذلني، اللهم لا تتركني، اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك (١)»

واشتد النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء والإلحاح والتضرع، حتى سقط الرداء عن منكبه، فجاء أبو بكر رضي الله عنه، وأعاده وألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} (٢)

قال الخطابي: لا يجوز أن يتوهم أحد أن أبا بكر كان أوثق بربه من النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الحال، بل الحامل للنبي صلى الله عليه وسلم على ذلك شفقته على أصحابه وتقويه قلوبهم (٣)

وقال السهيلي: ومن السنة أن يكون الإمام وراء الجيش لأنه لا يقاتل معهم، فلم يكن ليريح نفسه، فتشاغل بأحد الأمرين وهو الدعاء. (٤)

وهذا يعني أنه في حال حدوث الشر على المسلمين ومن ذلك مواجهة المعتدين - يشرع للجميع أن يتضرعوا لله تعالى بالنصر وزوال الشر.


(١) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، حديث ٢٦٩٩، وأحمد كتاب مسند بني هاشم، حديث ٢٨٨٥، وليس فيه اللهم لا تخذلني، اللهم لا تتركني.
(٢) سورة الأنفال الآية ٩
(٣) أعلام الحديث، ٣/ ١٧٠٢، شرح الحديث (٨٣١).
(٤) الروض الأنف، ٣/ ٤٧.