للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمسلم عن جابر أيضا مرفوعا «يوشك أهل العراق ألا يجتبى إليهم بعير، ولا درهم)، قالوا: مم ذلك؟ قال: (من قبل العجم يمنعون ذلك (١)»

وفيه علم من أعلام النبوة، والتوصية بالوفاء لأهل الذمة لما في الجزية التي تؤخذ منهم من نفع المسلمين، وفيه التحذير من ظلمهم، وأنه متى وقع ذلك نقضوا العهد فلم يجتب المسلمون منهم شيئا فتضيق أحوالهم. والإنذار بما سيكون من سوء العاقبة وأن المسلمين سيمنعون حقوقهم في آخر الأمر، وكذلك وقع (٢)

قال النووي: وذكر في منع الروم ذلك بالشام مثله، وهذا قد وجد في زماننا في العرق، وهو الآن موجود، وقيل: لأنهم يرتدون في آخر الزمان فيمنعون ما لزمهم من الزكاة وغيرها. وقيل: معناه أن الكفار الذين عليهم الجزية تقوى شوكتهم في آخر الزمان فيمتنعون مما كانوا يؤدونه من الجزية والخراج وغير ذلك. (٣)

وهناك فرق بين ارتدادهم، أو منعهم من دفع الجزية ولم يكن في ذلك ظلم أو تكليف لما لا يطيقون، وبين الحال إن كانت تؤخذ منهم زيادة على ما تم الصلح عليه أو فيه مشقة عليهم، حيث إن نظرتهم للإسلام والمسلمين تختلف باختلاف الحالين.

وقد أثبتت الأحداث والتجارب أن مآل الغدر مذموم، ومقابل ذلك


(١) صحيح مسلم بشرح النووي، ١٨/ ٣٨، كتاب الفتن (٦٧)، صحيح مسلم مع إكمال المعلم، ٨/ ٤٥٨، ومسند أحمد، ٣/ ٣١٧.
(٢) الفتح، ٦/ ٢٨٠.
(٣) شرح مسلم، ١٨/ ٢٠، ٢١.