للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيان مقالة المرجئة في هذه المسألة، وأنهم في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أنه لا يجوز الاستثناء في الإيمان.

والقائلون بذلك هم المرجئة الفقهاء، والجهمية، ونحوهم ممن يجعل الإيمان شيئا واحدا، يعلمه الإنسان من نفسه، كالتصديق بالرب، ونحو ذلك مما في قلبه.

فيقول: أحدهم: أنا أعلم أني مؤمن، كما أعلم أني قرأت الفاتحة، فمن استثنى في إيمانه فهو شاك عندهم، فهذا هو مستندهم في منع الاستثناء (١)

ولأجل ذلك أحدثوا بدعة السؤال عن الإيمان، فيقول أحدهم: أمؤمن أنت؟

ومرادهم تصحيح معتقدهم أن الإيمان شيء واحد، لا يتعدد، وقد فطن أئمة السنة لمقصدهم، فصاروا يكرهون الجواب، أو يفصلون فيه.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وقد كان أحمد وغيره من السلف مع هذا يكرهون سؤال الرجل غيره: أمؤمن أنت؟ ويكرهون الجواب؛ لأن هذا بدعة أحدثها المرجئة؛ ليحتجوا بها لقولهم، فإن الرجل يعلم من نفسه أنه ليس بكافر، بل يجد قلبه مصدقا لما جاء به الرسول، فيقول: أنا مؤمن، فلما علم السلف مقصودهم صاروا يكرهون


(١) انظر: هداية الطريق ١٩٣ - ١٩٤، ١٩٦، والدرر السنية ١/ ٥٥١ - ٥٥٢، ٥٥٥، وراجع: الفتاوى ٧/ ٤٢٩.