يكن لك مال كان لك جمالا، وإن لم يكن لك مال كان لك مالا. وقال عبد الملك بن مروان لبنيه: يا بني تعلموا العلم فإن كنتم سادة فقتم، وإن كنتم وسطا سدتم، وإن كنتم سوقة عشتم. وقال بعض الحكماء: العلم شرف لا قدر له، والأدب مال لا خوف عليه (١)
والعلم أنواع كثيرة وفق عدد من التصنيفات في مقدمتها العلم بأمور الدين والشريعة وهو الذي نعنيه هنا ونركز عليه لصلته بموضوعنا، فهذا العلم كما تدل عليه النصوص الشرعية وأقوال سلف الأمة: هو تركة الأنبياء وتراثهم، وأهله عصبتهم ووراثهم، وهو حياة القلوب، ونور البصائر، وشفاء الصدور، ورياض العقول، ولذة الأرواح، وأنس المستوحشين، ودليل المتحيرين، وهو الميزان الذي توزن به الأقوال والأفعال والأحوال، وهو الحاكم والمفرق بين الشك واليقين، وبين الغي والرشاد والهدى والضلال، به يعرف الله ويعبد ويذكر ويوحد، وهو الصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والأنيس في الوحشة، والكاشف عن الشبهة، والغنى الذي لا فقر على من ظفر بكنزه، والكنف الذي لا ضيعة على من أوى إلى حرزه، مذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وطلبه قربة، وبذله صدقة، ومدارسته عبادة، وهو حجة الله في أرضه، ونوره بين عباده، وقائدهم ودليلهم إلى جنته، ومدنيهم من كرامته، ويكفي في شرفه أن فضل أهله على العباد كفضل القمر ليلة
(١) أدب الدنيا والدين / الماوردي (بيروت: دار إحياء العلوم: ط١: ١٤٠٨) ص٦٢ - ٦٣.