للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمدعويه في الخير، لأنه يدعو حينئذ بحاله قبل مقاله وبسلوكه قبل كلامه

واستقامة الداعية على الحق وعمله بما يعلم من الزاد الذي يتقوى به في دعوته ومن الأسباب القوية المعينة له على القيام بها ومواصلتها واستمرارها، وترك الداعية للاستقامة والعمل الصالح من أسباب فشله ونفور الناس منه ومن دعوته والإعراض عنها وتركها، فلسان حالهم ومقالهم: كيف يدعونا إلى أمر لا يعمل به؟ فلو كان خيرا لسبقنا إليه، هذا فضلا عن كون ترك العمل بالعلم مذموما شرعا ومحذرا منه في القرآن والسنة؛ يقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} (١) {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (٢)، وقال تعالى عن بعض بني إسرائيل ذما لهم: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (٣)، ووصف الله تعالى من حمل التوراة ولم يحملها بالعمل بها بوصف منفر، فقال سبحانه: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (٤).


(١) سورة الصف الآية ٢
(٢) سورة الصف الآية ٣
(٣) سورة البقرة الآية ٤٤
(٤) سورة الجمعة الآية ٥