المشرفة وفضائلها، ثم أشياء عن المسجد الحرام وزمزم وبعض المدارس والسقايات والبرك - جمع بركة - والآبار والعيون إلخ.
ففي هذا المقام إذن كان التأصيل التاريخي لمكة المكرمة بكل ما بها من أماكن تاريخية وجغرافية يؤكد براعة صاحب العقد الثمين.
ونحن نعلم أن ثمة رابطة بين علم التاريخ وعلم الجغرافيا ولكن الجمع بينهما - في تأصيل علمي - لا يقوم به إلا متمكن باحث جوال عارف عالم، وقد اجتمعت هذه الصفات في مؤلف كتاب العقد الثمين، فإذا ما ضم إلى علمي التاريخ والجغرافيا: التراجم لعرفنا مدى الجهد البارع المضني الذي بذله المؤلف ليخرج كتابه بهذه الصفة، فهو كتاب تاريخ، وهو كتاب جغرافيا، وهو كتاب طبقات، وهو كتاب تراجم، ولا نبالغ عندما نقول أن كتاب العقد الثمين يعد بمثابة " دائرة معارف " متكاملة عن مكة المكرمة زادها الله تشريفا وتعظيما.
ولأن التاريخ دورة مستمرة لا تنفصل - حتى لو انفصلت العصور التاريخية للحياة - ولا ينتهي التاريخ إلا إذا انتهت الحياة نفسها، ومن ثم فإن الكتاب فوق أنه جمع - كما قلنا - بين التاريخ والجغرافيا إلا أنه أورد في كتابه المزيد من علوم الدين الحنيف، خاصة وأن موضوع الكتاب هو مكة العاصمة الروحية للمسلمين والمسلمات في مشارق الأرض ومغاربها، ولأن مكة هي قلب الحياة البشرية وما يرتبط بمكة إنما هو يرتبط بحياة المسلم في كل زمان ومكان.
ومن الإنصاف أن نقول إن المنهج العلمي للتقي الفاسي - رحمه الله وجزاه خيرا - أنه جمع علم التاريخ لمكة كمدينة وربط معها جغرافيتها ثم علم التراجم الذاتية لأعيانها وتم هذا كله في رابطة لا تنفصم عراها مع كافة علوم الدين الحنيف من فقه وشريعة وغير ذلك.
والكتاب إذا يعد موسوعة كبرى علمية تاريخية لمكة المكرمة من ناحية التاريخ والجغرافيا والتراجم والفقه والشريعة.
والمؤلف - رحمه الله - استكمل بمؤلفه هذا ما بدأه عمدة مؤرخي البلد الحرام أبو الوليد الأزرقي (المتوفى نحو سنة ٢٥٠ هجرية) صاحب كتاب (أخبار مكة)