للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تعني كذلك العنف والقسوة والشدة دون مبرر شرعي. يقول الشنقيطي رحمه الله: (واعلم أن الدعوة إلى الله بطريقين: طريق لين وطريق قسوة؛ أما طريق اللين فهي الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وإيضاح الأدلة في أحسن أسلوب وألطفه، فإن نجحت هذه الطريق فبها ونعمت وهو المطلوب، وإن لم تنجح تعينت طريق القسوة بالسيف حتى يعبد الله وحده وتقام حدوده وتمتثل أوامره وتجتنب نواهيه، وإلى هذه الإشارة بقوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} (١)، ففيه الإشارة إلى إعمال السيف بعد إقامة الحجة، فإن لم تنفع الكتب تعينت الكتائب، والله تعالى قد يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) (٢)

والداعية الحكيم هو الذي يقوم بالدعوة على بصيرة ويبلغها بكل ثقة ويؤديها بكل دقة وإتقان فيضع الأمور في نصابها ويقدرها حق قدرها.

فمن الحكمة ألا يدعو الداعي إلا بعلم ومعرفة وأن يكون هدفه في دعوته ابتغاء مرضاة الله وتعبيد الناس لله رب العالمين، وأن يترفع عما في أيدي الناس وأن يحب الخير لهم ويحسن إليهم، وأن يعرض (عن اللغو، وهو الكلام العبث الذي لا فائدة فيه، إذ لا ينبغي للعاقل أن يشغل سمعه


(١) سورة الحديد الآية ٢٥
(٢) أضواء البيان / الشنقيطي (بيروت: عالم الكتب: د٠ت) ٢/ ١٧٥.