للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر الحافظ في ثنايا ما يستنبط من هذا الحديث ما يشهد لقاعدة «تحصل أعظم المصلحتين بترك أدناهما»، فقال: «يؤخذ منه أنه إذا تزاحمت مصلحتان قدم أهمهما، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صوب فعل جابر، ودعا له لأجل ذلك» (١)

ووجه ما ذكره الحافظ – رحمه الله – هو أن جابرا تعارض عنده أمران ومصلحتان، الأولى: أن يتزوج بكرا، وهذا أفضل في حقه، لأن النفس تميل إلى الزواج بالبكر، والثانية: أن يتزوج ثيبا وهذا أفضل بالنسبة لأخواته كي تقوم بمصالحهن، وقد آثر جابر - رضي الله عنه - هذه المصلحة على المصلحة الأخرى، وقد صوب النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله هذا، وجاء في رواية عند البخاري: «فكرهت أن أجمع إليهن جارية خرقاء مثلهن ولكن امرأة تمشطهن وتقوم عليهن قال: أصبت (٢)»

قال القاضي عياض (ت: ٥٤٤ هـ): «وقول جابر في اعتذاره عن زواج الثيب ما ذكر من قيامها على أخواته، وتصويب النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك له، ما هو الأولى من إيثار مصلحة الحال والنفس والآل على شهواتها ولذاتها» (٣)

وقال القرطبي: «وهذا الحديث يدل على فضل عقل جابر، فإنه


(١) فتح الباري (٩/ ١٢٣).
(٢) أخرجه البخاري ح (٤٠٥٢).
(٣) إكمال المعلم (٤/ ٦٧٤).