للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخرج وعليه ملحفة معصفرة فقال: ما لك يا أبا عبد الرحمن، فقال: الرواح إن كنت تريد السنة، قال: هذه الساعة، قال: نعم، قال: فأنظرني حتى أفيض على رأسي ثم أخرج، فنزل حتى خرج الحجاج فسار بيني وبين أبي فقلت: إن كنت تريد السنة فاقصر الخطبة وعجل الوقوف، فجعل ينظر إلى عبد الله، فلما رأى ذلك عبد الله قال: صدق (١)»

ذكر الحافظ في ثنايا ما يستنبط من هذا الحديث ما يشهد لقاعدة: «تقديم المصلحة الراجحة على المفسدة الخفيفة» فقال: «فيه احتمال المفسدة الخفيفة، لتحصيل المصلحة الكبيرة، يؤخذ ذلك من مضي ابن عمر إلى الحجاج وتعليمه» (٢)

وما ذكره الحافظ ظاهر وهو أن ابن عمر – رضي الله عنهما - مضى إلى الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد عرف عنه الظلم والجور، وسفك الدماء، وهذا فيه مفسدة خفيفة، وذلك لتحصيل مصلحة راجحة، وهي أن يرشد ابن عمر - رضي الله عنهما - الحجاج إلى مناسك الحج


(١) أخرجه البخاري ح (١٦٦٠) والنسائي ح (٣٠٠٥)، وفي الكبرى ح (٣٩٨٤)، ومالك في الموطأ (١/ ٣٩٩)، وقوله في الحديث: سرادق الحجاج: السرادق هو كل ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب أو خباء، ينظر: النهاية (٢/ ٣٥٩)، اللسان، سردق، (١٠/ ١٥٧)، ملحفة: اللحاف والملحف والملحفة اللباس الذي فوق سائر اللباس، وكل شيء تغطيت به فقد التحفت به. ينظر: تهذيب اللغة (٥/ ٦٩)، اللسان، لحف، (٩/ ٣١٤).
(٢) فتح الباري (٣/ ٥١٢).