للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه طارحة ولدها في النار؟!» قلنا: لا وهي تقدر على أن لا تطرحه فقال: «لله أرحم بعباده من هذه بولدها» (١)»

ذكر الحافظ - رحمه الله - في ثنايا ما يستنبط من هذا الحديث ما يشهد لقاعدة: «احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما»، فقال: «في الحديث جواز ارتكاب أخف الضررين، لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينه المرأة عن إرضاع الأطفال الذين أرضعتهم مع احتمال أن يكبر بعضهم فيتزوج بعض من أرضعته المرأة معه، لكن لما كانت حالة الإرضاع ناجزة، وما يخشى من المحرمية متوهم اغتفر، قلت: ولفظ الصبي بالتذكير في الخبر ينازع في ذلك» (٢)

وهذا الاستنباط الذي ذكره الحافظ ابن حجر – رحمه الله – ظاهر، وهو أن إقرار المرأة أن ترضع من وجدته من السبي مع احتمال أن يكبر هؤلاء الأطفال ويحصل بينهم تزاوج مفسدة، لكنها احتملت من أجل مفسدة أكبر منها، وهي أن ترك اللبن يحتبس في ثدي المرأة يضر بها، ولكن يرد على هذا الاحتمال أنها كانت ترضع صبيانا، وظاهر اللفظ


(١) أخرجه البخاري ح (٥٩٩٩)، ومسلم ح (٢٧٥٤)، والبيهقي في الشعب (١٢/ ٤٤٢) ح (٦٧٢٩)، والسبي: النهب وأخذ الناس عبيدا وإماء، والسبية: المرأة المنهوبة فعيلة بمعنى مفعولة وجمعها السبايا. ينظر: معجم مقاييس اللغة (٣/ ١٣٠)، النهاية (٢/ ٣٤٠)، اللسان، سبى، (١٤/ ٣٦٧).
(٢) فتح الباري (١٠/ ٤٣١).