للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديث الثامن: حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: «رأيتني أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - نتماشى فأتى سباطة قوم خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم فبال، فانتبذت منه، فأشار إلي فجئته، فقمت عند عقبه حتى فرغ (١)»

ذكر الحافظ في ثنايا ما يستنبط من هذا الحديث ما يشهد لقاعدة «احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمهما»، فقال: «يستفاد من هذا الحديث دفع أشد المفسدتين بأخفهما. . . . . وبيانه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يطيل الجلوس لمصالح الأمة، ويكثر من زيارة أصحابه وعيادتهم، فلما حضره البول وهو في بعض تلك الحالات لم يؤخره حتى يبعد كعادته، لما يترتب على تأخيره من الضرر، فراعى أهم الأمرين وقدم المصلحة في تقريب حذيفة منه، ليستره من المارة على مصلحة تأخيره عنه، إذ لم يمكن جمعهما» (٢)

وهذا الاستنباط الذي ذكره الحافظ – رحمه الله – ظاهر، وهو أن ترك الابتعاد عند إرادة البول فيه ارتكاب مفسدة، ولكنها احتملت مراعاة لما هو أشد منها، وهو حبس البول فإن هذا يضر بالبدن، وقد سبق الكلام على هذا الحديث تحت قاعدة: «تحصل أعظم المصلحتين بترك أدناهما» (٣)


(١) أخرجه البخاري ح (٢٢٥)، ومسلم ح (٢٧٣)، وأبو داود (٢٤)، والترمذي ح (١٣)، والنسائي ح (١٨، ٢٦)، وابن ماجه ح (٣٠٥)، وأحمد (٥/ ٤٠٢) ح (٢٣٢٨٩).
(٢) فتح الباري (١/ ٣٢٩).
(٣) ينظر: ص (١٠).