للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلف الأمة وقع بينهم الاختلاف والافتراق والتنازع؛ مع دعوى كل فرقة أنها على الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، مع ما صاحب ذلك من تأويل للنصوص بما يتفق مع مذهبها، ففسدت بذلك عقائد الناس وعباداتهم، وشاعت فيهم الضلالات والبدع.

ثم إن التقيد بفهم السلف في المسائل العقدية والقضايا الغيبية، وهي أخبار صادقة، وحقائق يقينية ثابتة، وكذا في مناهج العبادة وطرقها وهي لا تتغير ولا تتبدل باختلاف العصور والبيئات ليس فيه ما يمنع من إعمال العقل والبحث والنظر في ميادين المعرفة المختلفة، فعالم الشهادة ميدان مفتوح أمام الإنسان للتفكير والإبداع، وذلك بأن يتوجه إلى تدبر آيات الله في الأنفس والآفاق، ويتعرف على سنن الله في خلقه، وأن يجتهد في تسخير الكون المحيط به لمنفعته، كما أمر الله تعالى بذلك ودعا إليه، قال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} (١)، وقال تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (٢)، وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} (٣).

ولقد وقف التابعون ومن تبعهم بإحسان عند فهم الصحابة – رضي الله


(١) سورة العنكبوت الآية ٢٠
(٢) سورة يونس الآية ١٠١
(٣) سورة الأعراف الآية ١٨٥