بعث الله سيد الأولين والآخرين محمدًا صلى الله عليه وسلم؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.
وقد صور جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه واقع العالم العربي قبل الإسلام أحسن تصوير، فقال مخاطبًا للنجاشي «كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأوثان ونستبيح الفواحش ونأكل الميتة ونسيء الجوار ونقطع الرحم ويأكل قوينا ضعيفنا حتى بعث الله فينا رسولا منا نعرف صدقه وحسبه ونسبه وعفافه وطهارته فدعانا إلى عبادة الله وحده لا شريك له وأن نترك ما كنا نعبد وآباؤنا من الأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وحسن الجوار وصلة الرحم والكف عن المحارم، ونهانا عن الفواحش وشهادة الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة وأمرنا بعبادة الله وبالصلاة والزكاة والصيام، فصدقناه وآمنا به واتبعناه فأحللنا ما أحل لنا وحرمنا ما حرم علينا فعبدنا الله وتركنا ما كنا عليه من القبائح فعدا علينا قومنا، وفتنونا عن ديننا؛ ليردونا إلى عبادة الأصنام وأن نستبيح القبائح التي استبحناها»(١) هكذا صور واقعهم المرير.
إن محمدًا صلى الله عليه وسلم بعثته امتداد لدعوة الأنبياء قبله، ولم يكن بدعًا من الرسل {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ}، هو دعوة الخليل عليه
(١) قصة جعفر بن أبي طالب مع النجاشي رواها ابن خزيمة في صحيحه (٤/ ١٣)، (ح ٢٢٦٠)، وأحمد في مسنده (١/ ٢٠١).