إلى غيره. فما قرع الأسماع من لدن ذرأ الله البشر دين أكمل منه ولا أتم فكل ما دعا إليه من أخلاق ومعاملات فهي النهاية في الحسن والكمال والعدل {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}.
ولتمامه وكماله وملاءمته لكل زمان ومكان وعدم حاجة البشر معه إلى غيره نسخت شريعته سائر الشرائع، فهو الدين الباقي الخالد إلى أوان خراب هذا العالم وانتهاء أمده وقيام الساعة.
إن الأمة التي اعتنقته وعملت بجميع تعاليمه وطبقته تطبيقًا تامًا في أقوالها وأفعالها واعتقاداتها سعدت أكمل سعادة، ورقت أعلى رتبة في المجد، ووصلت إلى جميع ما تصبو إليه، وانتصرت انتصارًا باهرًا بلغ حدود المعجزات: أقر التاريخ أنهم مع قلة عددهم وعدتهم ملكوا الدنيا في ربع قرن مع كثرة عدوهم ووفرة ما لديه من عدد وعدة وهذا مصداق قوله تعالى: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}.
وبالاطلاع على التاريخ نجد أنه بحسب تمسك الأمة بالدين الإسلامي وتطبيقه يكون انتصارها، وبحسب إعراضها وتساهلها بالدين يكون ضعفها وانهيارها. فانظر حالة المسلمين في زمن الخلافة والدولة الأموية والعباسية وزمن نور الدين الشهيد وصلاح الدين الأيوبي، ثم حالة المسلمين بعد ذلك حين ما تساهلوا بالدين