للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: أي بإخوانهم وأهل دينهم، لأن المؤمنين كالجسد الواحد (١)، كقوله: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}، وقوله: {وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ}، ثم إنه لم يُكتف بإنكار المنكر بالقلب، بل لا بد أن يكون لهم موقف للإنكار باللسان، فانتقل من لسان الحال إلى لسان المقال، {وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ}، والإفك: قلب الحقيقة وهو أسوأ الكذب وأقبحه (٢)، ووصفه بالمبين لكونه بلغ الغاية في البيان والوضوح كأنه لقوة بيانه قد صار يبين غيره.

وخلاصة القول أن الآية أرشدت المؤمنين إلى تطهير النفوس من ظن السوء بإخوانهم بفعل الفاحشة وأن الواجب إحسان الظن بهم ودرء كل تهمة تسيء إليهم أو القدح في أعراضهم، وحذرت من خطورة الظن السيئ في أعراضهم المؤمنين واتهام البريئين الذين عرفوا بالطهارة من الفساد، وأن التساهل في هذا الأمر أو إلقاء التُّهم على الأعفاء دون يقين، وترك الخواطر تظن الظنون السيئة بدون دليل قاطع، كل ذلك يؤدي إلى نشر الرذيلة وإشاعة الفاحشة بين


(١) انظر: النكت والعيون للماوردي (٤/ ٨٠)، التفسير الكبير (٢٣/ ١٧٧). ') ">
(٢) انظر: المفردات للراغب الأصفهاني ص (١٥). ') ">