أن إرادة التحصن هو الغالب عليهن، ولا يفهم منه عدم النهي عن الإكراه على البغاء إذا انتفت إرادتهن التحصن، وفائدة مجيء المصدر بصيغة التفعُّل وذكر الإرادة بيان أن ذلك لا يكون إلا عن عفة بالغة، ومما يزيد ذلك الفعل شناعة وقبحًا ذكر علة التزام هذا العار في قوله:{لِتَبْتَغُوا}، أي: تطلبوا طلبًا حثيثًا، وبرغبة قوية بإكراههن على فعل الفاحشة والكسب الخبيث، ووصف الكسب بأنه {عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، إشارة إلى حقارته، فإن العرض متحقق فيه الزوال (١)
وقوله:{وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، يفيد أنه حكم متعلق بالمستقبل، لأنه مضارع في حيِّز الشرط، كما أن الجملة تفيد عذر المكرهات على البغاء والعفو عن إكراههن، كما أنها تفيد تعريض الذين يُكرِهون الإماء على البغاء بالوعيد
وفي تحريم البغاء يتضح لنا منهج القرآن الكريم في تطهير المجتمع المسلم من كل رذيلة، والمحافظة عليه من شيوع الفاحشة، وإغلاق السبل النتنة للتصريف الجنسي واجتثاثها من المجتمع المسلم، والقضاء على الفساد والانحلال والفجور بكل صوره، وأن الطريق السليم الطاهر هو الزواج ففيه يقع الاستغناء بالحلال عن
(١) انظر: نظم الدرر (١٣/ ٢٦٩)، التحرير والتنوير (١٨/ ٢٢٧)، روائع البيان (٢/ ١٨٣). ') ">