للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمَنْ كان اسمُ الرَّكعة يَنْطلِق عنده على القيام والانحناء معًا قال: إذا فاتهُ قيامُ الإمامِ فقد فاتَتْهُ الرَّكعة، ومَنْ كان اسم الرَّكعة ينطلق عنده على الانحناء نفسه: جعلَ إدراكَ الانحناءِ إدراكًا للرَّكعة.

والاشتراكُ الذي عَرَضَ لهذا الاسم؛ إنما هو من قِبَلِ تَرَدُّدِهِ بين المعنى اللُّغوي والمعنى الشَّرعيِّ؛ وذلك أنَّ اسمَ الرَّكعة ينطلق لغةً على الانحناء، وينطلق شرعًا على القيامِ والركوعِ والسجودِ؛ فمن رأى أنَّ اسم الرَّكعة ينطلق - في قوله عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَدركَ رَكْعَةً» (١) - على الركعة الشرعيَّة ولم يذهب مذهب الأخذ ببعض ما تدلُّ عليه الأسماء، قال: لا بُدَّ أن يُدْرِكَ مع الإمامِ الثلاثةَ الأحوال، أعني: القيامَ والانحناءَ والسُّجودَ.

ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مَنْ ذهب إلى اعتبار الانحناءِ فقط، أن يكونَ اعتبَر أكثرَ ما يدلُّ عليه الاسم هاهنا؛ لأن مَنْ أدرك الانحناءَ فقد أدركَ منها جُزْأَيْنِ، ومَنْ فاته الانحناءُ إنما أدرك منها جزءًا واحدًا فقط. فعلى هذا: يكون الخلافُ آيلاً إلى اختلافهم في الأخذ ببعض دِلالَةِ الأسماءِ أو بِكُلِّها؛ فالخلاف يُتَصَوَّر فيها من الوجهين جميعًا.

وأمَّا مَنِ اعتبَر ركوعَ مَنْ في الصفِّ من المأمومين؛ فلأنَّ الرَّكعةَ منَ الصَّلاة قد تُضَاف إلى الإمام فقط، وقد تُضاف إلى الإمام والمأمومين؛ فسببُ الاختلافِ هو الاحتمالُ في هذه الإضافةِ، أعني: قولَه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «مَنْ أَدركَ ركعةً مِنَ الصَّلاة» (٢). وما عليه


(١) صحيح البخاري مواقيت الصلاة (٥٨٠)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٦٠٧)، سنن أبو داود الصلاة (١١٢١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٧١)، موطأ مالك وقوت الصلاة (١٥).
(٢) صحيح البخاري مواقيت الصلاة (٥٨٠)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٦٠٧)، سنن أبو داود الصلاة (١١٢١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٧١)، موطأ مالك وقوت الصلاة (١٥).