للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(الوجه الثاني): أنَّ هذا هو ما فهمَهُ من الحديث: عليُّ بن أبي طالب وابنُ مسعودٍ رضي الله عنهما، حيث قالا: «مَنْ لم يُدركِ الرَّكْعَةَ فلا يعتدّ بالسَّجْدَة» (١).

وقد أشرنا فيما سبق إلى حديث البَيْهَقِيّ وغيره، عن عبد العزيز بن رُفَيْع: «إذَا جِئْتُمْ والإمامُ راكعٌ فَارْكَعُوا، وإنْ كانَ سَاجِدًا فاسْجُدُوا، وَلا تَعْتَدُّوا بالسُّجُودِ إذا لم يَكنْ مَعهُ الرُّكُوعُ». وسيأتي هذا دليلاً مستقلاً يلي هذا مباشرة، إن شاء الله تعالى.

فإنَّ ذلك كلَّه يدلُّ على أنه إذا حصل الرُّكُوع مع السُّجُود فإنه يعتدُّ بالرَّكْعَة. ويُؤيِّده أيضًا: ما أخرجه البَيْهَقِيّ عن ابن عمر وزيد بن ثابت، رضي الله عنهما، أنهما كانا يقولان: «من أَدْرَكَ الرَّكْعَة قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أَدْرَكَ السَّجْدَة» (٢) وهذا كلُّه- وغيره مما سيأتي من أقوالهم وأفعالهم - تفسير أحسن تفسير للحديث، وهم أعلم بمعناه، والله أعلم.

و (الوجه الثالث): الذي يُؤيِّد حمل الركعة في هذا الحديث على الركوع، هو أنه لو حُمِل معنى الركعة فيه على مجموع القيام


(١) رواه الطبراني في ((المعجم الكبير)) ورجاله موثَّقون. انظر: ((مجمع الزوائد ومنبع الفوائد)) للهيثمي: ٢/ ٧٦، وروى البَيْهَقِيّ: ٢/ ٩٠ مثله عن ابن مسعود.
(٢) ((سنن البَيْهَقِيّ)): ٢/ ٩٠.