وإن كان ظاهرها أنها تكفي المرة الواحدة في جملة الصلاة، فقد دلت الأدلة على وجوبها في كلِّ ركعة دلالةً واضحةً ظاهرةً بيِّنةً.
إذا تقرَّر لك هذا: فاعلم أنه قد ثبت: أنَّ من أَدْرَكَ الإمام على حالة فليصنع كما يصنع الإمام، فمن وصل والإمام في آخر القيام فلْيدخل معه، فإذا ركع بعد تكبير المؤتمِّ، فقد ورد الأمر بمتابعته له بقوله:«وَإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» كما في حديث «إنما جُعِلَ الإمامُ ليؤتَمَّ به» وهو حديث صحيح.
فلو توقَّف المؤتمُّ عن الرُّكُوع بعد ركوع الإمام وأخذ يقرأ فاتحة الكتاب: لكان مخالِفًا لهذا الأمر، فقد تقرَّر أنه يدخل مع الإمام، وتقرَّر أنه يتابعه ويركع بركوعه، ثم ثبت بحديث:«من أَدْرَكَ مع الإمامِ ركعةً قبل أن يُقِيمَ الإمامُ صُلْبَهُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» أنَّ هذا الداخلَ مع الإمام الذي لم يتمكن من قِرَاءَة الفاتحة: قد أَدْرَكَ الرَّكْعَة بمجرد إدراكِه له راكعًا.
فعرفتَ بهذا: أنَّ مثل هذه الحالة مخصَّصة من عمومِ إيجابِ قراءَةِ الفاتحة في كلِّ ركعة، وأنَّه لا وجه لِمَا قيل: يقرأُ بفاتحة الكتاب ويلحق الإمام راكعًا، وأنَّ المرادَ الإدراكُ الكاملُ، وهو لا يكون إلا مع إدراك الفاتحة - فإنَّ هذا يؤدي إلى إهمال حديث إدراك الإمام قبل أن يُقيم صُلبه، فقد صار مدركًا لتلك الرَّكْعَة وإن