وإذا اتَّضح لك ما في إيجاب قِرَاءَة الفاتحة على المؤتَمِّ المُدْرِكِ لإمامه حال الرُّكُوع أو بعده من المفاسد التي حدثت بسبب وقوعه في مخالفة ثلاث سُننٍ صحاح، كما ذكرنا تقرَّر لك أنَّ الحقَّ ما قدَّمْنَا لك من أنَّ تلك الحالة التي وقعت للمؤتمِّ، وهي إدراك إمامِه مشارفًا للركوع أو راكعًا أو بعد الرُّكُوع، مخصَّصَةٌ من أدلة إيجاب قِرَاءَة الفاتحة على كلِّ مصلٍ.
ومما يُؤيِّد ما ذكرنا: الحديثُ الواردُ «من أَدْرَكَ الإمامَ سَاجِدًا فَلْيَسْجُدْ مَعَهُ ولا يَعُدّ ذلكَ شَيْئًا» فإن هذا يدلُّ على أنَّ من أَدْرَكَه راكعًا يعتدُّ بتلك الرَّكْعَة.
وهذا الحديث ينبغي أن يُجْعَلَ لاحقًا بتلك الثلاثة الأمور التي ذكرناها، فيكون (رابعًا لها) في الاستدلال به على المطلوب، وفي كون من لم يدخل مع الإمام ويعتدَّ بذلك يَصدُقُ عليه أنّه قد خالفَ ما يدلُّ عليه هذا الحديثُ.
وفي هذا المقدار الذي ذكَرْنا كفايةٌ، فاشدُدْ بذلك، ودَعْ عنك ما قد وقع في هذا المبحث من الخبط والخلط والتردد والتشكك والوسوسة. والله سبحانه وتعالى أعلم)). انتهى كلام الشَّوْكَانِيّ بلفظه وحروفه من ((الفتح الرباني)).