الغناء وسائر الملاهي؛ ويدعي أنه يسمعها كلها بالطبع الذي لا يشاركه فيه أحد.
فإن أنكر هذا اللازم، فقد تناقض، من حيث إن بعض الملاهي يؤثر، وبعضها لا يؤثر في هذا الطبع.
وإن أقر باللازم، واستباح لنفسه سماع الملاهي بأنواعها، فقد حكم على نفسه بالفسق.
الثاني: أن هذا المدعي لا يخلو من حالين:
إما أن يدعي أن طبعه فارق طباع البشر، وصار مطبوعا على العقل والبصيرة، بمنزلة الملائكة، فإن قال ذلك فقد تخرص على طبعه، وكذب على ربه في تركيبه، وادعى العصمة مع مقارنة الفتنة.
ووجب له أيضا ألاّ يكون مجاهدا لنفسه، ولا مجانبا لهواه وطبعه، ولا يكون له ثواب على ترك اللذات والشهوات، وهذا لا يقوله عاقل.
وإن قال أنا على طبع البشر المجبول على محبة الهوى والشهوة.
فيقال له: فكيف يصح أن تسمع الغناء المطرب بغير طبعك، أو تطرب بسماعه بغير ما في جبلتك، وإلى غير ما غرز في نفسك؟
ولكن الأمر كما يرى الروذباري رحمه الله أن هذه الطائفة إنما تفعل ما ذكر من الغناء، والنظر إلى الوجوه الملاح بعد تناول