للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو كلام فيه قسوة وشدة كما هي عادة ابن حزم رحمه الله.

وممن اختار هذا القول الإمام الصنعاني حيث يقول في سبل السلام شرح بلوغ المرام (١) ما نصه: " ولكن لما لم يجدوا - أي الجمهور - علة منصوصة اختلفوا فيها اختلافا كثيرا يقوي للناظر العارف أن الحق ما ذهبت إليه الظاهرية من أنه لا يجري الربا إلا في الستة المنصوص عليها، وقد أفردنا الكلام على ذلك في رسالة مستقلة سميتها: (القول المجتبى). اهـ، واختاره من الحنابلة ابن عقيل (٢) في آخر مصنفاته مع قوله بالقياس، قال: لأن علل القياسيين في مسألة الربا علل ضعيفة، وإذا لم تظهر فيه علة امتنع القياس

القول الثاني: وهو قول جمهور العلماء أن الربا يتجاوز هذه الأصناف الستة إلى غيرها مما شاركها في العلة، قال الشوكاني في الدراري البهية (٣): (ومما يدل على أن الربا يثبت في غير هذه الأجناس حديث ابن عمر في الصحيحين قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة أن يبيع الرجل ثمر حائطه إن كان نخلا بثمر كيلا، وإن كان كرما أن يبيعه بكيل طعام، نهى عن ذلك كله (٤)»، وفي لفظ لمسلم: عن كل ثمر يخرصه، فإن هذا الحديث يدل على ثبوت الربا في الكرم والزبيب، ورواية مسلم تدل على أعم من ذلك، ومما يدل على الإلحاق ما أخرجه مالك في الموطأ عن سعيد بن المسيب: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع اللحم بالحيوان»، وأخرجه أيضا الشافعي، وأبو داود في المراسيل، ووصله الدارقطني في الغرائب عن مالك عن الزهري عن سهل بن سعد، وحكم بضعفه وصوب الرواية المرسلة، وتبعه ابن عبد البر، وله شاهد من حديث ابن عمر عند البزار إلى أن قال: وله شاهد أقوى منه في رواية الحسن عن سمرة عند الحاكم والبيهقي وابن خزيمة، ومما يؤيد ذلك حديث رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة عند الترمذي في رخصة العرايا وفيه: عن بيع العنب بالزبيب وعن كل ثمر يخرصه.

ولما اتفقوا على أنه يلحق بالأصناف المنصوصة ما شاركها في العلة ولم تكن تلك العلة منصوصة اختلفوا فيها على الأقوال التالية:


(١) صفحة ٨ ج ٣ ط الاستقامة عام ١٣٦٩هـ.
(٢) المبدع ص١٢٨ ج ٤، وإعلام الموقعين ص١٣٦ ج ٢.
(٣) ص١٠٥.
(٤) صحيح البخاري البيوع (٢٢٠٥)، صحيح مسلم البيوع (١٥٤٢)، سنن النسائي البيوع (٤٥٤٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٦٥).