للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما هي الأشياء التي يدخلها.

فيجب على المسلم الابتعاد عنه والتحرز منه؛ لأنه قد كثر الوقوع فيه في هذا الزمان لما طغت المادة وضعف المسلمون وفشا الجهل بأحكام الدين، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: «ليأتين على الناس زمان لا يبقى منهم أحد إلا أكل الربا، فمن لم يأكله أصابه من غباره (١)»، قال المناوي (٢) في شرح هذا الحديث: (ليأتين) اللام جواب لقسم محذوف، (على الناس زمان لا يبقى منهم) أي من الناس، (أحد إلا أكل الربا) الخالص، (فإن لم يأكله أصابه من غباره) أي يحيق به ويصل إليه من أثره بأن يكون موكلا أو متوسطا فيه أو كاتبا أو شاهدا أو معامل المرابي أو من عامل معه وخلط ماله بماله، ذكره البيضاوي إلى أن قال: وفي رواية: (من بخاره) وهو ما ارتفع من الماء من الغليان كالدخان والماء لا يغلي إلا بنار توقد تحته، ولما كان المال المأكول من الربا يصير نارا يوم القيامة يغلي منه دماغ آكله، ويخرج منه بخار ناسب جعل البخار من أكل الربا، والبخار والغبار إذا ارتفع من الأرض أصاب كل من حضر وإن لم يأكل. ووجه النسبة بينهما أن الغبار إذا ارتفع من الأرض أصاب كل من حضر وإن لم يكن هو أثاره، كما يصيب البخار إذا انتشر من حضر وإن لم يتسبب فيه، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، فإن من تأمل حال الناس اليوم أدرك مصداق هذا الحديث الشريف. وذلك أنه لما فاضت الأموال وتضخمت في أيدي كثير من الناس وضعوها في البنوك الربوية فأصابهم من الربا ما أصابهم، فمنهم من أكله، ومنهم من لم يأكله لكن أعان على أكله فأصابه من غباره، والله المستعان، اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، واكفنا بفضلك عمن سواك، وقنعنا بما رزقتنا، وبارك لنا فيما أعطيتنا.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان


(١) رواه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما.
(٢) فيض القدير (٥/ ٣٤٦).