دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه، والذي شرع الحكم بالقسامة هو الذي شرع أن لا يعطى أحد بدعواه المجردة، وكلا الأمرين حق من عند الله لا اختلاف فيه ولم يعط في القسامة بمجرد الدعوى، وكيف يليق بمن بهرت حكمة شرعه العقول أن لا يعطي المدعي بمجرد دعواه عودا من أراك ثم يعطيه بدعوى مجردة دم أخيه المسلم؟ وإنما أعطاه ذلك بالدليل الظاهر الذي يغلب على الظن صدقه فوق تغلب الشاهدين وهو اللوث والعداوة والقرينة الظاهرة من وجود العدو مقتولا في بيت عدوه، فقوى الشارع الحكيم هذا السبب باستحلاف خمسين من أولياء القتيل الذي يبعد أو يستحيل اتفاقهم كلهم على رمي البريء بدم ليس بسبيل ولا يكون فيهم رجل رشيد يراقب الله، ولو عرض على جميع العقلاء هذا الحكم، والحكم بتحليف العدو الذي وجد القتيل في داره بأنه ما قتله لرأى أن ما بينهما من العدل كما بين السماء والأرض