هذا لا يبالي به لجهله، وقد يشيع ما فيه ضرر عليه وعلى غيره، ولو كان يعقل ما تكلم إلا بما فيه خير وفائدة.
ثانيًا: الحسد، الحسد داء عضال، ومرض قلبي خبيث ينخر في جسم المرء حتى يملأ نفسه همًا وغمًا، ذلك أن الحاسد لا ترضيه نعمة أنعم الله بها على عبده، وإنما همه وغاية مراده سلب نعم الله عن عباده، فالحاسد خبيث الطبع سيئ النية، معترض على الله في قضائه وقدره.
ولذا يفرح الحاسد بكل عيب أو خطأ أو نقيصة في المحسود ليشيعها، ويذيعها، ويوسع نطاق انتشارها، ويضيف إليها ما يضيف؛ لأن الحاسد من يتمنى زوال النعمة عن المحسود، فبحسده فرح بكل نقيصة يظفر بها، فرح بكل بلاء يحصل له؛ لأن قبله يغلي على ذلك الإنسان الذي فضله الله بالعلم، أو بالمال، أو بالجاه، فهو لا يرضى بقسم الله، وأن الله حكيم عليم عادل في قضائه وقدره، بل يسعى في إذلال ذلك الإنسان والحط من قدره وشأنه، لذلك يسعى إلى الإساءة والنميمة ضده، فالنمام هو الناقل للكلام السيئ على وجه الإفساد والتفريق بين الأحبة، قال الله تعالى: {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ}، وفي الحديث عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يدخل الجنة نمام»(١) والنمام يفسد في الساعة ما يعجز عنه
(١) أخرجه البخاري في صحيحه، برقم (٦٠٥٦)، ومسلم في صحيحه، برقم (١٠٥).