الحديث دليل على استحباب الدعاء في الكرب، والتقرب إلى الله تعالى بذكر صالح العمل، واستنجاز وعده جل وعلا بسؤاله، حيث إن هؤلاء النفر استقر أمرهم أنهم لن يجدوا شيئًا لنجاتهم وتفريج كربهم خيرًا من أن يدعو كل امرئ منهم بأفضل عملٍ عمله لوجه الله تعالى، فسألوا الله إن كانت أعمالهم خالصة وقُبِلت أن يجعل جزاءها الفرج عنهم، فقال كل واحد منهم:«إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك»، فلم يعتقد أحد منهم في عمله الإخلاص، بل أحال أمره إلى الله تعالى، فإذا لم يجزموا بالإخلاص فيه مع كونه أحسن أعمالهم فغيره أولى، فالذي يصلح في مثل هذا أن يعتقد الشخص تقصيره في نفسه، ويسيء الظن بها، ويبحث عن كل واحد من عمله يظن أنه أخلص فيه فيفوض أمره إلى الله تعالى، ويعلق الدعاء على علم الله به، فحينئذ يكون إذا دعا فإنه يرجو الإجابة، ويخاف من الرد، فإن لم يغلب على ظنه إخلاصه ولو في عمل واحد فليقف عند حده ويستحي أن يسأله ربَّه بعمل ليس بخالص، فهؤلاء النفر تأدبوا مع الله تعالى وقالوا:«ادعوا الله بصالح أعمالكم» في أول الأمر، ثم عند الدعاء لم يطلقوا ذلك، فلم يقل واحد منهم أدعوك بعملي، وإنما قال:«إن كنت تعلم»، ثم ذَكَر عمله.