للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصدقه يدل على علمه وعدله، وتصديقه يدل على تواضعه وعدم استكباره. {أُولَئِكَ} أي: الذين وفقوا للجمع بين الأمرين {أُولَئِكَ} فإن جميع خصال التقوى ترجع إلى الصدق بالحق والتصديق به] (١) وفي بيان هذه الحقيقة قال ابن القيم: [الصدق مفتاح الصديقية ومبدؤها، وهي غايته، فلا ينال درجتها كاذب البتة، لا في قوله، ولا في عمله، ولا في حاله، ولا سيما كاذب على الله في أسمائه وصفاته، ونفي ما أثبته، أو إثبات ما نفاه عن نفسه، فليس في هؤلاء صِدّيق أبدًا، وكذلك الكذب عليه في دينه وشرعه، بتحليل ما حرمه، وتحريم ما لم يحرمه، وإسقاط ما أوجبه، وإيجاب ما لم يوجبه، وكراهة ما أحبه، واستحباب ما لم يحبه، كل ذلك منافٍ للصديقية، وكذلك الكذب معه في الأعمال، بالتحلي بحلية الصادقين المخلصين والزاهدين المتوكلين، وليس في الحقيقة منهم. فلذلك كانت الصّدّيقية: كمال الإخلاص والانقياد، والمتابعة للخبر والأمر ظاهرًا وباطنًا. حتى إن صِدق المتبايعين يُحِلّ البركة في بيعهما، وكذبهما يمحق بركة بيعهما، كما في الصحيحين عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي


(١) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (٧٢٤). ') ">