ومثال قياس المعدوم الممكن: قياس العنقاء على الغول في جواز الوجود بجامع أنه لا يترتب عليه محال.
ويرجع التعبير ب (المعلوم) في الموضعين، ويقدم على التعبير ب (الفرع) و (الأصل) لأمرين.
أولهما: رفع إيهام هذين المعلومين لا بد أن يكونا وجوديين، ذلك الإيهام الناشئ عن أن (الأصل): ما يبنى عليه غيره و (الفرع): ما يبنى على غيره - مع أنهما قد يكونان عدميين، كما تقدم.
وثانيهما: رفع إيهام أن هذا التعريف حينئذ يشتمل على الدور، لأنه قد يقال: إن تصور كل من (الأصل) و (الفرع) فرع عن تصور نفس القياس، لأن (الأصل) هو المقيس عليه و (الفرع) هو: المقيس، فكل منهما مشتق من (القياس) ومعرفة المشتق تتوقف على معرفة المشتق منه: فتكون معرفة (الأصل) و (الفرع) متوقفة على معرفة القياس؛ مع أن المفروض أن معرفة القياس هي المتوقف على معرفتها: فيكون المتوقف قد حدث من جانبي التعريف، وهو حقيقة الدور.
وبذلك يتضح أن التعبير ب (معلوم على معلوم) أصح وأولى من التعبير ب (الأصل والفرع) لأنه لا يترتب عليه شيء مما ذكرنا.
وأما قوله:(في إثبات حكم) ف (الإثبات) يراد منه القدر المشترك بين العلم والاعتقاد والظن سواء تعلقت هذه الثلاثة بثبوت الحكم أو بعدمه وقد يطلق لفظ (الإثبات) ويراد به الخبر باللسان لدلالته عليه.
وإن كان معناه -في الأصل- إدراك الثبوت - أي: التصديق بثبوت أمر لأمر، فهو: التصديق المتعلق بالنسبة الثبوتية.
ويصح أن يراد به: التصديق المعلق بالنسبة -مطلقا- سواء أكانت ثبوتية إيجابية، أم كانت التقائية سلبية، - وهو: حكم الذهن بأمر على أمر أي: بثبوت أمر لأمر أو بانتفائه عنه: كالحكم بأن الوتر مندوب، والخمر حرام، وبأن الكلب لا يصح بيعه، والحائض لا تجب عليها الصلاة.