للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعبر آخرون بلفظ (التعبد) به نحو الغزالي، وابن قدامة وابن الحاجب والآمدي.

والحجة - هي الدليل والبرهان، والمراد بكون القياس حجة: أنه دليل من أدلة الأحكام الشرعية، نصبه الشارع للتعريف ببعض الأحكام.

وأما التعبد -فهو أن يوجب الشارع العمل بموجبه- بقطع النظر عن أن يكون ممتنعا عقلا أوجائزا أو واجبا.

وإيجاب الشارع العمل به إما أن يكون إيجابا لنفس القياس، فيكون بمثابة قول الشارع: (إذا وجدتم مساواة بين أصل وفرع في علة حكمه فأثبتوا نفس حكم الأصل للفرع).

وإما أن يكون إيجابا للعمل بمقتضى القياس، وذلك كإيجاب العمل بمقتضى نصوص الكتاب والسنة.

وظاهر أن القياس -بحد ذاته- ليس عبادة: كالصلاة والصلام: فالتعبد به إنما يتم بطريق العمل بمقتضاه، وذلك أمر لا يتحقق إلا بعد القيام بإلحاق الفرع بالأصل، واعتبار أن هذا الإلحاق -بشروطه- حجة، فكونه حجة يقتضي وجوب التعبدية: فالتعبد به ما هو إلا ثمرة لحجيته، والتلازم بين الأمرين واضح.

وقد قال الإمام الرازي: (المراد من قولنا: القياس حجة أنه إذا حصل للمجتهد ظن أن حكم هذه الصورة مثل حكم تلك الصورة فهو مكلف بالعمل به في نفسه، ومكلف بأن يفتي به غيره (١)


(١) راجع المحصول: (١ / ق١/ ٩٢).