القلب، ولهذا من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة.
فالنبي صلى الله عليه وسلم دعا قومه إلى توحيد الله فأسلم من سبقت له من الله السعادة، وشقي من حيل بينه وبين ذلك. أتى لعمه أبي طالب في آخر رمق من حياته، يقول له:«يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاجّ لك بها عند الله»(١)؛ لأن عمه أبا طالب الذي نصره وأيده، وقف كل المواقف معه، مع هذا هو غير مسلم، عاش على ضلاله لما لله في ذلك من حكمة، فهو يأتيه في آخر حياته لعل الله أن ينقذه من النار، لعله أن ينطق بلا إله إلا الله، لعلها تكون آخر كلامه، فيختم له بخاتمة خير، وعنده أبو جهل وأضرابه فقالوا: أترغب عن ملة عبد المطلب؟؛ لأن ملة عبد المطلب عبادة الأصنام والأوثان، فأعاد النبي صلى الله عليه وسلم، فأعادوا عليه، فقدّر الله ما قدّر، وقال: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله. انظر إلى حرص شياطين الإنس والضلال على إفساد العباد وعلى إبعادهم من الخير، والغش والخيانة بعلاقتهم، يريد إنقاذه من النار، وإبعاده من النار، وتخليصه من النار؛ ولكن دعاة الباطل وجلساء السوء ذكّروه بالحجّة الشيطانية، ملة عبد المطلب، كما قال جل وعلا:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ}.
(١) أخرجه البخاري في صحيحه ح١٣٦٠، ومسلم في صحيحه ح٢٤.