للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخافوا أن يكون العساكر قد هربوا، وانقطعت الآمال، وألح الناس في الدعاء والابتهال في الصلوات وفي كل حال، وذلك يوم الخميس التاسع والعشرين من شعبان. . . فلما كان آخر هذا اليوم وصل أحد أمراء دمشق، فبشر الناس بأن السلطان قد وصل وقت اجتماع العساكر المصرية والشامية.

وتابع التتار طريقهم من الشمال إلى الجنوب، ولم يدخلوا دمشق، بل عرجوا إلى ناحية تجمع العساكر، ولم يشغلوا أنفسهم باحتلال دمشق وقالوا: إن غلبنا فإن البلد لنا، وإن غلبنا فلا حاجة لنا به.

ووقفت العساكر قريبا من قرية الكسوة، فجاء العسكر الشامي، وطلبوا من شيخ الإسلام ابن تيمية أن يسير إلى السلطان يستحثه على السير إلى دمشق، فسار إليه، فحثه على المجيء إلى دمشق بعد أن كاد يرجع إلى مصر. فجاء هو وإياه جميعا، فسأله السلطان أين يقف معه في معركة القتال؟ فقال له الشيخ ابن تيمية: السنة أن يقف الرجل تحت راية قومه، ونحن من جيش الشام لا نقف إلا معهم.

وحرض السلطان على القتال، وبشره بالنصر، وجعل يحلف بالله الذي لا إله إلا هو: إنكم منصورون عليهم في هذه المرة، فيقول له الأمراء: قل إن شاء الله، فيقول: إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا.

وأفتى الناس بالفطر مدة قتالهم، وأفطر هو أيضا، وكان يدور على الأجناد والأمراء، فيأكل من شيء معه في يده؛ ليعلمهم أن إفطارهم ليتقووا به على القتال أفضل من صيامهم.

ولقد نظم المسلمون جيشهم في يوم السبت ٢ رمضان (١٩ نيسان - إبريل) أحسن تنظيم، في سهل شقحب الذي يشرف عليه جبل غباغب.

وكان السلطان الناصر في القلب، ومعه الخليفة المستكفي بالله والقضاة والأمراء.

وقبل بدء القتال اتخذت الاحتياطات اللازمة، فمر السلطان ومعه الخليفة والقراء بين صفوف جيشه، بقصد تشجيعهم على القتال وبث روح الحماسة فيهم.

وكانوا يقرءون آيات القرآن التي تحض على الجهاد والاستشهاد، وكان الخليفة