للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قريش صولة)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اليوم يوم المرحمة! اليوم أعز الله فيه قريشا»)، وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد فعزله، وجعل اللواء إلى قيس بن سعد بن عبادة (١).

وبعد فتح مكة بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد على سرية داعيا لا مقاتلا (٢) إلى بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة، فلما رآه القوم أخذوا السلاح، فقال خالد: (ضعوا السلاح فإن الناس قد أسلموا) (٣).

ولكن خالدا وجد السلاح على بني جذيمة، فسألهم: (ما أنتم؟)، قالوا: (مسلمون، قد صلينا، وصدقنا بمحمد، وبنينا المساجد في ساحاتنا، وأذنا فيها)، قال: (فما بال السلاح عليكم!)، فقالوا: (إن بيننا وبين قوم من العرب عداوة، فخفنا أن تكونوا هم، فأخذنا السلاح). قال: (فضعوا السلاح!) فوضعوه، فأسرهم وفرقهم في أصحابه. فلما كان في السحر نادى خالد: (من كان معه أسير، فليدافه)، والمدافة الإجهاز عليه بالسيف، فأما بنو سليم فقتلوا من كان في أيديهم، وأما المهاجرون والأنصار، فأرسلوا أسراهم، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ما صنع خالد فقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد (٤)»)، وبعث علي بن أبي طالب، فودى لهم قتلاهم وما ذهب منهم، ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره (٥).

وقد كان بين خالد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام في ذلك، فقال له عبد الرحمن: (عملت بأمر الجاهلية في الإسلام)، فقال: (إنما ثأرت بأبيك)، فقال عبد الرحمن: (كذبت، قد قتلت قاتل أبي، ولكنك ثأرت بعمك الفاكه بن المغيرة)، حتى كان بينهما شر، وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «مهلا يا خالد! دع عنك أصحابي، فوالله لو كان لك أحد ذهبا، ثم أنفقته في سبيل الله، ما أدركت غدوة رجل من أصحابي ولا روحته») (٦)).

وكان الفاكه بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وعوف بن عبد عوف، وعفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس قد خرجوا تجارا إلى اليمن، ومع عفان ابنه


(١) مغازي الواقدي (٢/ ٨٢١ - ٨٢٢).
(٢) سيرة ابن هشام (٤/ ٥٣)
(٣) سيرة ابن هشام (٤/ ٥٣)، وطبقات ابن سعد (٢/ ١٤٧).
(٤) صحيح البخاري المغازي (٤٣٣٩)، سنن النسائي آداب القضاة (٥٤٠٥)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٥١).
(٥) طبقات ابن سعد (٢/ ١٤٧ - ١٤٨).
(٦) سيرة ابن هشام (٤/ ٥٦)، وانظر مغازي الواقدي (٣/ ٨٨٠ - ٨٨١)