(٢) يرى عمر بن عبد العزيز والأوزاعي- رحمهما الله- أنه لا يصلى على قاتل نفسه بحال؛ لأن من لا يصلي عليه الإمام لا يصلي عليه غيره، كشهيد المعركة. وبه قال بعض الحنفية: (بداية المجتهد لابن رشد ١/ ٣٥٤، المغني ٣/ ٥٠٤، سبل السلام للصنعاني ٢/ ٩٩، فتح القدير لابن الهمام ٢/ ١٥٠، البناية في شرح الهداية للعيني ٣/ ٣٢٨). وعند الحنفية لا يصلي على البغاة وقطاع الطريق، لا الإمام ولا غيره من المسلمين. قال الكاساني: وَلَا يُصَلَّى على الْبُغَاةِ وقُطَّاعِ الطَّرِيقِ عِنْدَنَا .. وَلَنَا ما رُوِيَ عن عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ لم يُغَسِّلْ أَهْلَ نَهْرَوَانَ، ولم يُصَلِّ عليهم، فَقِيلَ لَهُ: أَكُفَّارٌ هُمْ؟ فقال: لَا، وَلَكِنْ هُمْ إِخْوَانُنَا بَغَوْا عَلَيْنَا. أَشَارَ إلى تَرْكِ الْغُسْلِ والصَّلَاةِ عليهم؛ إِهَانَةً لهم لِيَكُونَ زَجْرًا لِغَيْرِهِمْ، وكان ذلك بِمَحْضَرٍ من الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، ولم يُنْكِرْ عليه أَحَدٌ، فَيَكُونُ إِجْمَاعًا. (بدائع الصنائع ١/ ٣١٢). قلت: الإجماع المحكي فيه نظر؛ لأن الأثر المذكور عن علي رضي الله عنه، لم يعثر عليه. قال عنه الزيلعي: غريب، (نصب الراية ٢/ ٣١٩). وقال ابن حجر: لم أجده. (الدراية في تخريج أحاديث الهداية ١/ ٢٤٥). فالراجح ما عليه الجمهور.