للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟)، فسمع بهم عبد الرحمن بن عوف، فقال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع ببلد وأنتم به فلا تخرجوا فرارا منه (١)») رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما. فانصرف عمر بالناس إلى المدينة (٢).

وعن أنس رضي الله عنه، «أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين، فلما أن ولي عمر قال: (إن الناس قد دنوا من الريف، فما ترون في حد الخمر؟)، فقال عبد الرحمن بن عوف: (نرى أن نجعله كأخف الحدود)، فجلد فيه ثمانين جلدة (٣)».

ورجع عمر إليه في أخذ الجزية من المجوس، رواه البخاري (٤)، واستخلفه على الحج سنة ولي الخلافة، أي سنة ثلاث عشرة الهجرية (٥).

وفي سنة ست عشرة الهجرية، حين قدم الخمس على عمر من الفتوح قال: (والله لا يجنه سقف حتى أقسمه)، فبات عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن الأرقم يحرسانه في المسجد. فلما أصبح جاء عمر في الناس، فكشف أموال الخمس، فلما ن‍ظر إلى ياقوته وزبرجده وجوهره بكى، فقال له عبد الرحمن: (ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ فوالله إن هذا لموطن شكر)، فقال عمر: (والله ما ذلك يبكيني، وبالله ما أعطى الله هذا قوما إلا تحاسدوا وتباغضوا، ولا تحاسدوا إلا ألقى الله بأسهم بينهم) (٦).

وجاء عمر بن الخطاب إلى عبد الرحمن بن عوف وهو يصلي في بيته ليلا، فقال له عبد الرحمن: (ما جاء بك في هذه الساعة؟)، قال: (رفقة نزلت في ناحية السوق خشيت عليهم سراق المدينة، فانطلق فلنحرسهم)، فأتيا السوق، فق‍عدا على نشز من الأرض يتحدثان (٧).


(١) صحيح البخاري الطب (٥٧٢٩)، صحيح مسلم السلام (٢٢١٩)، سنن أبو داود الجنائز (٣١٠٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ١٩٤)، موطأ مالك الجامع (١٦٥٧).
(٢) ابن الأثير (٢/ ٥٥٩ - ٥٦٠) وانظر الإصابة (٤/ ١٧٧) والرياض النضرة (٢/ ٣٨٢).
(٣) الرياض النضرة (٢/ ٣٨٢)، أخرجاه.
(٤) الإصابة (٤/ ١٧٧).
(٥) الإصابة (٤/ ١٧٧) وتاريخ خليفة بن خياط.
(٦) ابن الأثير (٢/ ٥٢٢).
(٧) ابن الأثير (٣/ ٥٧).