للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعمر يصلون ركعتين، وأنت صدرا من خلافتك، فما أدري ما ترجع إليه؟). فقال: (رأي رأيته).

وبلغ الخبر عبد الرحمن بن عوف، وكان معه في الحج فجاءه وقال له: (ألم تصل في هذا المكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر ركعتين وصليتها أنت ركعتين؟)، قال عثمان: (بلى، ولكني أخبرت أن بعض من حج من اليمن وجفاة الناس قالوا: إن الصلاة للمقيم ركعتان واحتجوا بصلاتي، وقد اتخذت بمكة أهلا، ولي بالطائف مال). فقال عبد الرحمن: (ما في هذا عذر! أما قولك: اتخذت بها أهلا، فإن زوجك بالمدينة تخرج بها إذا شئت، وإنما تسكن بسكناك، وأما مالك بالطائف وبينك وبينه مسيرة ثلاثة ليال، وأما قولك عن حاج اليمن وغيرهم، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي والإسلام قليل ثم أبو بكر وعمر. فصلوا ركعتين، وقد ضرب الإسلام بجرانه (١) فقال عثمان: (هذا رأي رأيته).

وخرج عبد الرحمن، فلقي عبد الله بن مسعود فقال: (أبا محمد! غير ما تعلم)، قال: (فما أصنع؟!). قال: (اعمل بما ترى وتعلم)، فقال ابن مسعود: (الخلاف شر، وقد صليت بأصحابي أربعا)، فقال عبد الرحمن: (قد صليت بأصحابي ركعتين، وأما الآن فسوف أصلي أربعا) (٢).

لقد نصح عثمان، فلما أصر عثمان على رأيه تابعه عبد الرحمن خوفا من الفتنة، فما كانوا يحبون الفتنة ولا يعملون لها، ويخشون الوقوع فيها أشد الخشية.

وكان عبد الرحمن صهر عثمان، فقد تزوج عبد الرحمن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وهي أخت عثمان لأمه التي خلف عليها عقبة بعد والد عثمان (٣)، وقد بلغ عبد الرحمن أن عثمان وهب بعض إبل الصدقة لبعض بني الحكم، فأخذها منهم وقسمها بين الناس وعثمان في الدار (٤).


(١) الجران: باطن العنق من البعير وغيره (ج) أجرنة. وجرن. وضرب الإسلام بجرانه: ثبت واستقر.
(٢) ابن الأثير (٣/ ١٠٤).
(٣) ابن الأثير (٣/ ٧٢).
(٤) ابن الأثير (٣/ ١٦٧).