للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو أخطأ القبلة بعد الاجتهاد، فإنه أولى من القياس على من توضأ بماء ثم تبين أنه كان نجسًا، وذلك لأن ترك استقبال القبلة جائز في أحوال، كحال المصلي تطوعًا على الراحلة، وكذلك الصدقة على أحد الزوجين إذا كانت على سبيل التطوع، فيكون إعطاء الزكاة باجتهاد مشبهًا لأداء الصلاة باجتهاد، وأما القياس على الوضوء بالماء بالنجس فهو قياس مع الفارق؛ لأن الوضوء بالماء النجس لا يكون طهارة بحال، فلم يكن للاجتهاد تأثير في جوازه، بعكس ترك القبلة فهو جائز في أحوال (١)

واستدل أصحاب القول الثالث على الإجزاء إذا كان الدافع للزكاة الإمام أو نائبه، بخلاف ما لو كان الدافع لها المزكي نفسه بما يلي:

الدليل الأول:

أن اجتهاد الإمام أو نائبه حكم لا يتعقب (٢)

ويمكن مناقشته بما يلي:

١ - لا نسلّم أن دفع الإمام أو نائبه من قبيل الحكم؛ لأن حقيقة الحكم هي ما يلزم القاضي به أحد الخصمين أمرًا شرعيًّا (٣) وهذا ليس فيه خصومة بل هو عمل اجتهادي، فلا يفترق عن اجتهاد المزكي، وعلى


(١) أحكام القرآن للجصاص ٤/ ٣٤٤. ') ">
(٢) الشرح الكبير للدردير ١/ ٥٠١. ') ">
(٣) ينظر: إحكام الأحكام على تحفة الحكام ١٣، شرح ميارة على تحفة الحكام ١/ ٩. ') ">