للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد باع أمواله من (كيدمة) (١)، وهو سهمه من بني النضير بأربعين ألف دينار، فقسمها على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (٢)، وباع أرضا له من عثمان بأربعين ألف دينار، فقسم ذلك في فقراء بني زهرة وفي ذي الحاجة من الناس، وفي أمهات المؤمنين، فلما تسلمت عائشة نصيبها، قالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحنو عليكن بعدي إلا الصابرون. سقى الله ابن عوف من سلسبيل الجنة (٣)») (٤).

وتبرع بمائة راحلة جاءته من مصر على فقراء المدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم (٥)، ثم وردت له قافلة من تجارة الشام، فحملها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة (٦).

وكان أهل المدينة عيالا على عبد الرحمن بن عوف: ثلث يقرضهم ماله، وثلث يقضي دينهم بماله، وثلث يصلهم (٧).

ودخل يوما على أم سلمة أم المؤمنين فقال: (يا أمه! قد خفت أن يهلكني كثرة مالي)، فقالت: (يا بني أنفق) (٨)، فأطلق يده في الإنفاق كأنه لا يخشى الفقر.

وقدمت عير لعبد الرحمن بن عوف، فكان لأهل المدينة يومئذ رجة، فقالت عائشة أم المؤمنين: (ما هذا؟) قيل لها: (هذه عير عبد الرحمن بن عوف قدمت)، فقالت عائشة: (أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كأني بعبد الرحمن بن عوف على الصراط يميل به مرة ويستقيم أخرى، حتى يفلت ولم يكد»)، فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف، فقال: (هي وما عليها صدقة)، وما كان عليها أفضل منها، وهي يومئذ خمسمائة راحلة (٩).

لقد كان عظيم التجارة، مجدودا فيها، كثير المال (١٠) ولكن ماله كان في يده لا في قلبه،


(١) كيدمة: موضع بالمدينة، وهو سهم عبد الرحمن بن عوف من بني النضير، انظر معجم البلدان (٧/ ٣٠٥).
(٢) طبقات ابن سعد (٣/ ١٣٢)
(٣) مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٠٤).
(٤) طبقات ابن سعد (٣/ ١٣٣)
(٥) حلية الأولياء (١/ ٩٩).
(٦) الرياض النضرة (٢/ ٣٨٥).
(٧) الرياض النضرة (٢/ ٣٨٥).
(٨) أسد الغابة (٣/ ٣١٥)
(٩) طبقات ابن سعد (٣/ ١٣٢)، وأسد الغابة (٣/ ٣١٥ - ٣١٦).
(١٠) أسد الغابة (٣/ ٣١٥).