وإنما اخترت هذا العنوان، ولم أقل:"أثر الأدعية المأثورة في حفظ مقاصد الشريعة- مقصد الدين أنموذجا" أو نحو ذلك من العبارات؛ لأن أحوال إجابة الدعاء ((تتنوع: فتارة يقع المطلوب بعينه على الفور، وتارة يقع ولكن يتأخر؛ لحكمة، وتارة قد تقع الإجابة ولكن بغير عين المطلوب، حيث لا يكون في المطلوب مصلحة ناجزة، وفي الواقع مصلحة ناجزة أو أصلح منها)) فما يدعو به المسلم قد لا يحصل، ولكن تبقى له علاقة من حيث المعنى، وأيضًا فإن لم يُستجب لشخص ما فقد يُستجاب لداع آخر، وعلى كل حال فإنه سيؤول إلى حفظ مقصد الدين بشكل عام؛ لأن الدعاء عبادة؛ لما يصحبه من الخشوع والخوف والرجاء، يبعثها في قلب الإنسان إحساسُه بعبوديته التامة لله تعالى.
وتنبع أهمية هذا الموضوع من أمور، أهمها:
١ - أن هذا البحث يؤكد العلاقة الوطيدة بين أوامر الشرع وتوجيهاته، وبين تحقيق مصالح الخلق في العاجل والآجل، التي هي مقاصد الشريعة وغاياتها، وقد تكلم عن ذلك علماؤنا رحمهم الله، إلا أن هذا البحث ينفرد بتسليط الضوء على نوع معين من هذه التوجيهات، وهو الأدعية المأثورة، ويوضح علاقتها بمقصد الشريعة بشكل عام،