قال السمعاني: سمعت جماعة يقولون: لما قدم أبو إسحاق نيسابور رسولا تلقوه، وحمل إمام الحرمين غاشيته، ومشى بين يديه وقال: أفتخر بهذا. وكان عامة المدرسين بالعراق والجبال تلامذته وأتباعه - وكفاهم بذلك فخرا - وكان ينشد الأشعار المليحة، ويوردها، ويحفظ منها الكثير.
وعنه قال: العلم الذي لا ينتفع به صاحبه أن يكون الرجل عالما ولا يكون عاملا.
وقال: الجاهل بالعالم يقتدي، فإذا كان العالم لا يعمل، فالجاهل ما يرجو من نفسه؟ فالله الله يا أولادي! نعوذ بالله من علم يصير حجة علينا.
قيل: إن عبد الرحيم بن القشيري جلس بجنب الشيخ أبي إسحاق، فأحس بثقل في كمه، فقال: ما هذا يا سيدنا؟ قال: قرصي الملاح، وكان يحملهما في كمه للتكلف.
قال السمعاني: رأيت بخط أبي إسحاق رقعة فيها نسخة ما رآه أبو محمد المزيدي رأيت في سنة ثمان وستين ليلة جمعة أبا إسحاق الفيروزابادي في منامي يطير مع أصحابه في السماء الثالثة أو الرابعة، فتحيرت، وقلت في نفسي: هذا هو الشيخ الإمام مع أصحابه يطير وأنا معهم، فكنت في هذه الفكرة إذ تلقى الشيخ ملك، وسلم عليه عن الرب - تعالى - وقال: إن الله يقرأ عليك السلام، ويقول: ما تدرس لأصحابك؟ قال: أدرس ما نقل عن صاحب الشرع. قال له الملك: فاقرأ علي شيئا أسمعه. فقرأ عليه الشيخ مسألة لا أذكرها. ثم رجع الملك بعد ساعة إلى الشيخ، وقال: إن الله يقول: الحق ما أنت عليه وأصحابك، فادخل الجنة معهم.
قال الشيخ أبو إسحاق: كنت أعيد كل قياس ألف مرة، فإذا فرغت، أخذت قياسا آخر على هذا، وكنت أعيد كل درس ألف مرة، فإذا كان في المسألة بيت يستشهد به حفظت القصيدة التي فيها البيت.
كان الوزير ابن جهير كثيرا ما يقول: الإمام أبو إسحاق وحيد عصره، وفريد دهره، ومستجاب الدعوة.