قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: حكى أبي قال: حضرت مع قاضي القضاة أبي الحسن الماوردي عزاء، فتكلم الشيخ أبو إسحاق واجلا، فلما خرجنا، قال الماوردي: ما رأيت كأبي إسحاق! لو رآه الشافعي لتجمل به.
أخبرني الحسن بن علي، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا السلفي: سألت شجاعا الذهلي عن أبي إسحاق فقال: إمام أصحاب الشافعي والمقدم عليهم في وقته ببغداد. كان ثقة، ورعا، صالحا، عالما بالخلاف علما لا يشاركه فيه أحد.
قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: ندب المقتدي بالله أبا إسحاق للرسلية إلى المعسكر، فتوجه في آخر سنة خمس وسبعين، فكان يخرج إليه أهل البلد بنسائهم وأولادهم يمسحون أردانه ويأخذون تراب نعليه يستشفون به، وخرج الخبازون، ونثروا الخبز، وهو ينهاهم، ولا ينتهون، وخرج أصحاب الفاكهة والحلواء، ونثروا على الأساكفة، وعملوا مداسات صغارا، ونثروها، وهي تقع على رءوس الناس، والشيخ يعجب، وقال لنا: رأيتم النثار، ما وصل إليكم منه؟ فقالوا: يا سيدي! وأنت أي شيء كان حظك منه؟ قال: أنا غطيت نفسي بالمحفة.
قال شيرويه الديلمي في " تاريخ همذان ": أبو إسحاق إمام عصره قدم علينا رسولا إلى السلطان ملكشاه، سمعت منه، وكان ثقة فقيها زاهدا في الدنيا على التحقيق، أوحد زمانه.
قال خطيب الموصل أبو الفضل: حدثني أبي قال: توجهت من الموصل سنة ٤٥٩ إلى أبي إسحاق، فلما حضرت عنده رحب بي، وقال: من أين أنت؟ [فقلت: من الموصل] قال: مرحبا أنت بلديي. قلت: يا سيدنا! أنت من فيروزاباد. قال: أما جمعتنا سفينة نوح؟ فشاهدت من حسن أخلاقه ولطافته وزهده ما حبب إلي لزومه، فصحبته إلى أن مات.