للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١ - قوله عن تقليد الأئمة الأربعة: (أنه من أوجب الواجبات) لا شك أن هذا الإطلاق خطأ؛ إذ لا يجب تقليد أحد من الأئمة الأربعة، ولا غيرهم مهما كان علمه؛ لأن الحق في اتباع الكتاب والسنة، لا في تقليد أحد من الناس، وإنما قصارى الأمر أن يكون التقليد سائغا -عند الضرورة- لمن عرف بالعلم والفضل واستقامة العقيدة كما فصل ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين، ولذلك كان الأئمة رحمهم الله لا يرضون أن يؤخذ من كلامهم إلا ما كان موافقا للكتاب والسنة، قال الإمام مالك رحمه الله: [كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر] يشير إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا قال إخوانه من الأئمة هذا المعنى.

فالذي يتمكن من الأخذ بالكتاب والسنة يتعين عليه ألا يقلد أحدا من الناس، ويأخذ عند الخلاف بما هو أقرب الأقوال لإصابة الحق، والذي لا يستطيع ذلك فالمشروع له أن يسأل أهل العلم، كما قال الله عز وجل: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (١).

٢ - قال: (إذا كان ابن تيمية رحمه الله مع درجة علمه لم يصل إلى مرتبة الاجتهاد، وإنما مذهبه حنبلي يتقيد به في كثير من الأحيان) وهذا القول فيه نظر بل هو خطأ ظاهر، فإن شيخ الإسلام رحمه الله من أعلم المجتهدين، وقد توافرت فيه شروط الاجتهاد، وانتسابه إلى المذهب الحنبلي لا يخرجه عن ذلك؛ لأن المقصود من ذلك موافقته لأحمد في أصول مذهبه وقواعده، وليس المقصود من ذلك أنه يقلده فيما قاله بغير حجة، وإنما كان يختار من الأقوال أقربها إلى الدليل حسبما يظهر له رحمه الله.

٣ - ذكر أن الخلافات في العقيدة ضيقة وقال: (الذين يقولون بضلال مذهب الأشاعرة نقول لهم: ارجعوا إلى فتاوى ابن تيمية واقرءوا ماذا كتب ابن تيمية عن أبي الحسن الأشعري حتى نفهم أن هؤلاء جهلة). اه.

والجواب أن يقال: لا شك أنه ضل بسبب الخلاف في العقيدة فرق كثيرة كالمعتزلة والجهمية والرافضة والقدرية وغيرهم، وأيضا الأشاعرة ضلوا فيما خالفوا فيه الكتاب والسنة، وما عليه خيار هذه الأمة من أئمة الهدى كالصحابة رضي الله عنهم، والتابعين


(١) سورة النحل الآية ٤٣