قلت: وبيض لليوم وهو سادس الشهر- قال: ودفناه بالشونيزية. قال لي: تدفنني تحت أقدام مشايخنا بالشونيزية. ولما احتضر سندته إلى صدري، وكان مستهترا بالذكر، فدخل عليه محمد بن القاسم الصوفي، وأكب عليه، وقال: يا سيدي، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة فرفع طرفه إليه، وتلا: يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين فدهش إليه هو ومن حضر من الأصحاب، ولم يزل يقرأ حتى ختم السورة، وقال: الله الله الله، وتوفي وهو جالس على السجادة.
وقال أبو الفرج بن الجوزي حدثني محمد بن الحسين التكريتي الصوفي قال: أسندته إلي، وكان آخر كلمة قالها: يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ومات.
قلت: قدم بغداد في شوال، فأقام بها سنة وشهرا، وكان معه أصوله، فحدث منها.
قال ابن النجار: كان الوزير أبو المظفر بن هبيرة قد استدعاه، ونفذ إليه نفقة، ثم أنزله عنده، وأكرمه، وأحضره في مجلسه، وسمع عليه " الصحيح " في مجلس عام أذن فيه للناس، فكان الجمع يفوت الإحصاء، ثم قرأه عليه أبو محمد بن الخشاب بالنظامية، وحضر خلق كثير دون هؤلاء، وقرئ عليه بجامع المنصور، وسمعه جمع جم، وآخر من قرأه عليه شيخنا ابن الأخضر وكان شيخا صدوقا أمينا، من مشايخ الصوفية ومحاسنهم، ذا ورع وعبادة مع علو سنه، وله أصول حسنة، وسماعات صحيحة.