وعن مغيث بن بديل قال: دعا المنصور أبا حنيفة إلى القضاء فامتنع، فقال: أترغب عما نحن فيه؟ فقال: لا أصلح. قال: كذبت. قال: فقد حكم أمير المؤمنين علي أني لا أصلح، فإن كنت كاذبا فلا أصلح، وإن كنت صادقا فقد أخبرتكم أني لا أصلح، فحبسه. وروى نحوها إسماعيل بن أبي أويس، عن الربيع الحاجب، وفيها قال أبو حنيفة: والله ما أنا بمأمون الرضا. فكيف أكون مأمون الغضب؟ فلا أصلح لذلك. قال المنصور: كذبت. بل تصلح. فقال كيف يحل أن تولي من يكذب؟.
وقيل: إن أبا حنيفة ولي له، فقضى قضية واحدة، وبقي يومين، ثم اشتكى ستة أيام وتوفي.
وقال الفقيه أبو عبد الله الصيمري: لم يقبل العهد بالقضاء، فضرب وحبس، ومات في السجن. وروى حيان بن موسى المروزي، قال: سئل ابن المبارك: مالك أفقه، أو أبو حنيفة؟ قال: أبو حنيفة. وقال الخريبي: ما يقع في أبي حنيفة إلا حاسد أو جاهل.
وقال يحيى بن سعيد القطان: لا نكذب الله، ما سمعنا أحسن من رأي أبي حنيفة، وقد أخذنا بأكثر أقواله.
وقال علي بن عاصم: لو وزن علم الإمام أبي حنيفة بعلم أهل زمانه، لرجح عليهم.
وقال حفص بن غياث: كلام أبي حنيفة في الفقه أدق من الشعر، لا يعيبه إلا جاهل.
وروي عن الأعمش أنه سئل عن مسألة، فقال: إنما يحسن هذا النعمان بن ثابت الخزاز، وأظنه بورك له في علمه.
وقال جرير: قال لي مغيرة: جالس أبا حنيفة تفقه، فإن إبراهيم النخعي لو كان حيا لجالسه.
وقال ابن المبارك: أبو حنيفة أفقه الناس.
وقال الشافعي: الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة. قلت: الإمامة في الفقه ودقائقه مسلمة إلى هذا الإمام. وهذا أمر لا شك فيه.
وليس يصح في الأذهان شيء
إذا احتاج النهار إلى دليل
وسيرته تحتمل أن تفرد في مجلدين، رضي الله عنه ورحمه.