وقال الخطيب: احتج سائر الأئمة بحديث ابن صالح سوى النسائي، فإنه ترك الرواية عنه، وكان يطلق لسانه فيه. وليس الأمر على ما ذكر النسائي. ويقال: كان فيه الكبر، وشراسة الخلق، ونال النسائي منه جفاء في مجلسه، فذلك الذي أفسد الحال بينهما. وقد ذكر ابن حبان أحمد بن صالح في الثقات. وما أورده في الضعفاء، فأحسن، ولكن ذكر في الضعفاء أحمد بن صالح المكي الشمومي وكذبه، وادعى أنه هو الذي حط عليه ابن معين. وقصد أن ينزه ابن معين عن الوقيعة في مثل أحمد بن صالح الطبري الحافظ.
قال عبد الله بن محمد بن سيار: أخبرنا بندار قال: كتبت إلى أحمد بن صالح بخمسين ألف حديث، أي إجازة، وسألته أن يجيز لي، أو يكتب إلي بحديث مخرمة بن بكير، فلم يكن عنده من المروءة ما يكتب بذلك إلي.
قال الخطيب: بلغني أن أحمد بن صالح كان لا يحدث إلا ذا لحية، ولا يترك أمرد يحضر مجلسه. فلما حمل أبو داود السجستاني إليه ابنه، ليسمع منه -وكان إذا ذاك أمرد أنكر أحمد بن صالح على أبي داود إحضاره. فقال له أبو داود: هو -وإن كان أمرد- أحفظ من أصحاب اللحى، فامتحنه، بما أردت. فسأله عن أشياء أجابه ابن أبي داود عن جميعها، فحدثه حينئذ ولم يحدث أمرد غيره.
قال: وكان أحد حفاظ الأثر، عالما بعلل الحديث، بصيرا باختلافه، ورد بغداد قديما، وجالس بها الحفاظ، وجرت بينه وبين أحمد بن حنبل مذاكرات. وكان أبو عبد الله يذكره، ويثني عليه. وقيل: إن كلا منهما كتب عن صاحبه في المذاكرة حديثا، ثم رجع ابن صالح إلى مصر، وانتشر عند أهلها، علمه، وحدث عنه الأئمة.